ابتدأ العمل التطوعي كممارسة إنسانية منذ القدم، فيساعد الفرد جاره ويدل التائه ويعين المعسر، إلا أن هذه الممارسة الإنسانية الفطرية نمت مع الوقت في المجتمعات حتى غدت من مكارم الأخلاق والشمائل بين الناس، وحث عليها ديننا الحنيف وأكرم وأشاد بمن يتطوع لخدمة الناس.
وكسائر الممارسات المجتمعية تطور العمل التطوعي وأصبح له منظرون ومنظمون، فبدأ تنظيم العمل التطوعي أولاً في الخدمة العسكرية فأخرج لنا منظمات الخدمة الكشفية عالية التأهيل والتنظيم وعلى مستويات محلية ودولية كبيرة، وأما على المستوى المدني فتنوعت الفرق والمؤسسات التي عمل بشكل تطوعي في تخصصات مختلفة؛ اجتماعية وصحية وهندسية بيئة ودينية وإغاثية… ولازال العمل التطوعي يتوسع ليدخل في أنشطة وتخصصات جديدة ، وأما على مستوى التنظيم النظري للعمل التطوعي فكانت هناك ممارسات نظرية متميزة وقديمة، ففي أستراليا مثلا نشر أول كتيب أسترالي في الإدارة ليعالج موضوع التطوع عام 1988م وكان عنوانه “الدليل الإثرائي لإدارة المتطوعين” ونشره مركز التطوع في جنوب أستراليا.
يأتي هنا السؤال عزيزي القارئ: “وما دخلي أنا بكل هذه المقدمة لأعرف التعريف الحقيقي للعمل التطوعي؟”
ما أود الوصول إليه وإياكم أن العمل التطوعي ممارسة قديمة تطورت وتنظمت حتى يومنا هذا، ومن المعيب أن نتأخر ولا نزال في منطقة تعريف العمل التطوعي! منذ فترة وكثير ممن يعمل في هذا المجال لا هم له في كل مؤتمر سوى مناقشة تعريف التطوع وأنواعه وبيان إيجابياته ومحفزاته ودوافعه وبيان أهميته للفرد والمجتمع وكأن أكثر ما يعطلنا هو تقرير هذه النقاط والصحيح أن ما نحتاجه الكثير من التطبيق والقليل من التنظير، فقد سأم الكثيرون ممن كانت لهم الفرصة ليتطوعو في السنوات الأخيرة من كثرة الكلام والتنظير حول التطوع وقلة العمل وتحقيق الأثر حتى قال قائلهم: “أنا تائب عن التطوع!”.
نعلم كلنا أن أحد الأهداف الاستراتيجية التي تستهدف المملكة تحقيقها ضمن برنامج التحول الوطني 2020م هو “تمكين العمل التطوعي” وأن من أهداف رؤية المملكة 2030م هو”الوصول إلى مليون متطوع في القطاع غير الربحي)، وبرأيي أن من أهم ما يجب أن يسعى إليه العاملين لتحقيق هذه شيئين مهمين هما: الكفاءة والمواكبة.
فيؤمل كثير من المتطوعين على أن يحصلو على فرص تطوعية في بيئة ذات كفاءة تقدر خبراتهم ومهاراتهم وتساعدهم على ملامسة الآثار الإيجابية لأعمالهم وبروح تواكب الزمن في آلياتها وتنظيماتها تبدأ من حيث انتهى الآخرون وتكتفي بكمية التنظير الهائلة وتبدأ بالعمل على توفير بيئة صحية للعمل التطوعي على مستوى الأفراد والمؤسسات!
ختاما؛
إن العمل التطوعي يعرّف ببساطة بأنه: (عمل مفيد للمجتمع) (يقوم به الفرد باختياره) (دون طلب عائد مادي)، وهذه الجمل الثلاث في تعريفه هي أركانه فإن اختل أحدها لم يعد يسمى هذا العمل بتطوع!
دمتم بود،،